/ الفَائِدَةُ : (190) /
05/06/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / خطورةُ معاشرةُ السَّفِلَةُ / كثيراً ما حَذَّرَت بيانات أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَصحابهم من ذوي الجنبة المعنويَّة أَو المعرفيَّة ، والذين تربُّوا في المعارف والعقائد على أَيديهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مِن الْاِنْحِرَافَات وعدم الْاِسْتِقَامَة . لَكِنْ : منهم من استقام إلى النهاية ونجى ، ومنهم مَنْ زلَّ وسقط ؛ رغم تمهُّره وبراعته ونبوغه وأسبقيَّته على أَقرانه في علوم المعنى والْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة . ومن الأَسباب المُهمَّة والخطيرة التي ذكرتها بياناتهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ(1) : معاشرتهم للسَّفِلَةِ ، والتعاطي معهم ، وإِفشاء أَسرار علوم المعنى والْمَعَارِف الْإِلَهِيَّة لهم . والمراد من السَّفِلَةِ : من يتقمَّص لباس الْاِسْتِقَامَة والهدي والتَّدِّين ، وسلوكه الظاهري هدى الصالحين ، لكن حقيقته غرائزي وشهواني ومن المتهتكين والفاسقين ، فهم أَسفل النَّاس ؛لأَنَّهم يستعملون الدِّين مطيَّة لغرائزهم السَّافِلَةِ ، فسَخَّرُوا إِيمانهم وهديهم لأَجل أَخَسّ الغرائز وأسفلها وهي الشهوة. وخيرُ مثالٍ على ذلك : بلعم بن باعورة ؛ فإِنَّه حينما كان مستقيماً حباه الله (تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ) بحرفٍ من حروف الاسم الأعظم ، وهو مقامٌ ملكوتِيٌّ عظيمٌ ، لَكِنَّهُ لَمَّا لم تكن نفسه طيِّعة وتحت إِرادته وعقله قادته شهوته الجنسيَّة إلى الْاِسْتِجَابَةِ لطلب عاهرة لمعادات نبي الله . وهذا ما تُشير إِلَيْه بيانات الوحي ، منها : بيان قوله تعالى : [ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ * مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ](2) . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ومن أَراد الإِطلاع على بعض تلك الرُّوايات فليراجع كتاب رجال الكشي ، فإِنَّه كتاب معارف قبل أَن يكون كتاب رجال ، وفيه من الأسرار الكثير. (2) الأعراف: 175 ـ 178